كتاب رأس المال في القرن الـ 21: الأغنياء يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقرا !
هذا الكتاب أحدث ضجة وجدلاً واسعاً وسرعان ما احتلت النسخة
الإنجليزية منه رفوف "الكتب الأكثر مبيعا" في منافذ البيع.
إذن، ما الذي تدور حوله كل هذه الضجة يا ترى؟
الكتاب مبني على مجموعة من الأبحاث قام بها السيد بيكيتي مع عدد من الاقتصاديين استغرقت عشرة سنوات، ليغوص بشكل عميق في تفاصيل التغيرات التاريخية التي حدثت حول تركيز الدخل والثروة. هذا الكم المستخرج من البيانات مكن بيكيتي من رسم صورة لتطور التفاوت في الدخل منذ قيام الثورة الصناعية [القرنين الثامن عشر والتاسع عشر]. حيث اتصف مجتمع أوروبا الغربية بدرجة عالية من عدم المساواة والتفاوت في الدخل Inequality. حيث ساهمت سرعة تراكم ثروات الأفراد الخاصة في تضائل نمو الدخل القومي للبلاد نفسها، وتركزت الثروة في أيادي العائلات الغنية المتربعة في أعلى نظام اجتماعي طبقي وجامد لحد كبير. هذا النظام ظل ثابتا حتى مع قيام ثورة التصنيع نفسها بالإسهام في رفع أجور العمال تدريجيا. ولم يعطل هذا النسق من التفاوت سوى أحداث جسيمة: الفوضى التي خلفتها قيام الحربين العالمية والثانية وفترة الكساد العظيم [العقد الذي سبق الحرب العالمية الثانية]. تلك الأحداث انعكست إلى: ضرائب عالية، وتضخم، وأدت لتقلص درامي في حجم الثروات، وهي فترة من الزمن تساوي فيها نسبيا توزيع الثروة مع توزيع الدخل القومي.
لكن تلك الصدمات التي حدثت في بداية القرن العشرين سرعات ما اختفى أثرها وعاد تفاوت الثروة مرة أخرى يؤكد نفسه. وبمقاييس مختلفة، يعتقد السيد بيكيتي أن أهمية الثروة [مقابل الناتج القومي] في الاقتصادات الحديثة تقترب من مستويات لم تر منذ عشية الحرب العالمية الأولى!
ومن بحثه المفصل في التاريخ يستخلص السيد بيكيتي نظريته الكبرى عن رأس المال واللا مساواة. فبصفة عامة تنمو الثروة بشكل أسرع من من الناتج الاقتصادي، ويعبر عن مفهومه ذلك بالتعبير r > g (حيث r تعبر عن معدل العائد على الثروة و g هي معدل النمو الاقتصادي). أما إذا تساوت العلاقة بين المعدلين، أو زاد النمو الاقتصادي عن الثروة، فذلك من شأنه تقليل أهمية الثروة في المجتمع أساسا، في حين أن النمو الاقتصادي البطئ يزيد من أهمية الثروة (كما أن التغير الديموجرافي [السكاني] الذي يبطئ النمو الاقتصادي العالمي يجعل رأس المال أكثر هيمنة). لكن لا يوجد أية قوى طبيعية تدفع ضد التركيز المستمر والثابت للثروة واستمرار تراكمها. قد يحدث ذلك فقط إثر انفجار من النمو السريع (بسبب تقدم تكنولوجي أو زيادة سكانية) أو بسبب تدخل حكومي، هذان هما العاملان الوحيدان اللذان يمكن الإعتماد عليهما لضمان عدم عودة الاقتصادات "رأسمالية الإرث" التي كانت تقلق كارل ماركس. ويختم السيد بيكيتي كتابه بدعوة الحكومات للتدخل، وتبني ضريبة عالمية على الثروة لمنع الزيادة السريعة لتفاوت الدخل وعدم المساواة والتي تهدد في نهاية الأمر الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
ولا يفاجئنا بالطبع كمية النقد التي تعرض لها الكتاب. فقد تساءل البعض عما إذا كان السيد بيكيتي مصيبا في اعتقاده بأن المستقبل سيبدو مثل الماضي! وجادل البعض الآخر بأن النظرية تناقض نفسها لأنها تفترض أن الحصول على عائد جيد على الثروة سيكون أكثر صعوبة كلما زادت الثروة نفسها! البعض الثالث جادل بأن الأشخاص بالغي الثراء في أيامنا هذا يكسبون ثروتهم من العمل وليس عبر الميراث [رأسمالية الإرث كما كان في الماضي]! كما رأى آخرون أن توصيات السيد بيكيتي للحكومات بتغيير سياساتها هي توصيات أيديولويجية أكثر من كونها اقتصادية، وقد تضر أكثر مما تفيد. لكن أغلب هؤلاء المتشككين مدحوا المجهودات المبذولة في الكتاب وخصوصا في جمع البيانات وتحليلها.
وسواء نجح السيد بيكتي من تغيير السياسات الاقتصادية للمجتمع أو لا، فإنه سيكون أثر على الطريقة التي يفكر بها الآلاف من القراء والعديد من الإقتصاديين حول موضوع عدم المساواة في توزيع الثروة.
توماس بيكيتي بجوار غلاف كتابه "رأس المال في القرن الحادي والعشرين"
إذن، ما الذي تدور حوله كل هذه الضجة يا ترى؟
الكتاب مبني على مجموعة من الأبحاث قام بها السيد بيكيتي مع عدد من الاقتصاديين استغرقت عشرة سنوات، ليغوص بشكل عميق في تفاصيل التغيرات التاريخية التي حدثت حول تركيز الدخل والثروة. هذا الكم المستخرج من البيانات مكن بيكيتي من رسم صورة لتطور التفاوت في الدخل منذ قيام الثورة الصناعية [القرنين الثامن عشر والتاسع عشر]. حيث اتصف مجتمع أوروبا الغربية بدرجة عالية من عدم المساواة والتفاوت في الدخل Inequality. حيث ساهمت سرعة تراكم ثروات الأفراد الخاصة في تضائل نمو الدخل القومي للبلاد نفسها، وتركزت الثروة في أيادي العائلات الغنية المتربعة في أعلى نظام اجتماعي طبقي وجامد لحد كبير. هذا النظام ظل ثابتا حتى مع قيام ثورة التصنيع نفسها بالإسهام في رفع أجور العمال تدريجيا. ولم يعطل هذا النسق من التفاوت سوى أحداث جسيمة: الفوضى التي خلفتها قيام الحربين العالمية والثانية وفترة الكساد العظيم [العقد الذي سبق الحرب العالمية الثانية]. تلك الأحداث انعكست إلى: ضرائب عالية، وتضخم، وأدت لتقلص درامي في حجم الثروات، وهي فترة من الزمن تساوي فيها نسبيا توزيع الثروة مع توزيع الدخل القومي.
لكن تلك الصدمات التي حدثت في بداية القرن العشرين سرعات ما اختفى أثرها وعاد تفاوت الثروة مرة أخرى يؤكد نفسه. وبمقاييس مختلفة، يعتقد السيد بيكيتي أن أهمية الثروة [مقابل الناتج القومي] في الاقتصادات الحديثة تقترب من مستويات لم تر منذ عشية الحرب العالمية الأولى!
ومن بحثه المفصل في التاريخ يستخلص السيد بيكيتي نظريته الكبرى عن رأس المال واللا مساواة. فبصفة عامة تنمو الثروة بشكل أسرع من من الناتج الاقتصادي، ويعبر عن مفهومه ذلك بالتعبير r > g (حيث r تعبر عن معدل العائد على الثروة و g هي معدل النمو الاقتصادي). أما إذا تساوت العلاقة بين المعدلين، أو زاد النمو الاقتصادي عن الثروة، فذلك من شأنه تقليل أهمية الثروة في المجتمع أساسا، في حين أن النمو الاقتصادي البطئ يزيد من أهمية الثروة (كما أن التغير الديموجرافي [السكاني] الذي يبطئ النمو الاقتصادي العالمي يجعل رأس المال أكثر هيمنة). لكن لا يوجد أية قوى طبيعية تدفع ضد التركيز المستمر والثابت للثروة واستمرار تراكمها. قد يحدث ذلك فقط إثر انفجار من النمو السريع (بسبب تقدم تكنولوجي أو زيادة سكانية) أو بسبب تدخل حكومي، هذان هما العاملان الوحيدان اللذان يمكن الإعتماد عليهما لضمان عدم عودة الاقتصادات "رأسمالية الإرث" التي كانت تقلق كارل ماركس. ويختم السيد بيكيتي كتابه بدعوة الحكومات للتدخل، وتبني ضريبة عالمية على الثروة لمنع الزيادة السريعة لتفاوت الدخل وعدم المساواة والتي تهدد في نهاية الأمر الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
ولا يفاجئنا بالطبع كمية النقد التي تعرض لها الكتاب. فقد تساءل البعض عما إذا كان السيد بيكيتي مصيبا في اعتقاده بأن المستقبل سيبدو مثل الماضي! وجادل البعض الآخر بأن النظرية تناقض نفسها لأنها تفترض أن الحصول على عائد جيد على الثروة سيكون أكثر صعوبة كلما زادت الثروة نفسها! البعض الثالث جادل بأن الأشخاص بالغي الثراء في أيامنا هذا يكسبون ثروتهم من العمل وليس عبر الميراث [رأسمالية الإرث كما كان في الماضي]! كما رأى آخرون أن توصيات السيد بيكيتي للحكومات بتغيير سياساتها هي توصيات أيديولويجية أكثر من كونها اقتصادية، وقد تضر أكثر مما تفيد. لكن أغلب هؤلاء المتشككين مدحوا المجهودات المبذولة في الكتاب وخصوصا في جمع البيانات وتحليلها.
وسواء نجح السيد بيكتي من تغيير السياسات الاقتصادية للمجتمع أو لا، فإنه سيكون أثر على الطريقة التي يفكر بها الآلاف من القراء والعديد من الإقتصاديين حول موضوع عدم المساواة في توزيع الثروة.
